وصف المدون

اليوم

INFOGRAT - فيينا:
شهدت المناظرة التلفزيونية الثانية التي نظمتها ORF مساء الجمعة مواجهة عنيفة، وأحيانًا عاطفية، بين رئيس حزب SPÖ أندرياس بابلر ورئيس حزب FPÖ هيربرت كيكِل، حيث تصاعدت التوترات بين الطرفين، اللذين يسعيان كلاهما لمنصب المستشار، وخلال النقاش، نفى كل منهما للآخر القدرة على تولي هذا المنصب، واتهم بابلر كيكِل بأنه يمثل خطرًا على الديمقراطية، بينما وصف كيكِل بابلر بأنه "مُلقّن بالأفكار اللينينية والماركسية"، ما يجعله محافظًا على أفكار قديمة تعود إلى الماضي، وعلى المستوى السياسي، لم يتوصل الطرفان إلى أرضية مشتركة.

APA

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)،
على الرغم من التصعيد لاحقًا، بدأت المناظرة بشكل مختلف تمامًا، عندما سُئل كل من بابلر وكيكِل عمّا إذا كانت هناك استعدادات لإيجاد حلول مشتركة للأزمات الوجودية مثل العواصف الأخيرة والفيضانات، اتفق الطرفان على أن الحل المشترك ضروري في مثل هذه الحالات، وأكد بابلر وكيكِل على الحاجة إلى جهد جماعي لمواجهة هذه الأزمات.

تحول في الأجواء نحو الحدة
لكن بعد فترة وجيزة، تغيرت نبرة النقاش وأصبحت أكثر حدة مع تقدم المناظرة، حيث اتهم كيكِل حزب SPÖ وبقية الأحزاب بالتراخي في مساعدة النمساويين المحتاجين مقارنة باندفاعهم للتعامل مع قضايا أخرى مثل الأزمة الأوكرانية والمساعدات التنموية، وتابع كيكِل هجومه على سياسات الأحزاب الأخرى، متهمًا إياها بأنها تركز على القضايا الدولية بدلًا من الاهتمام بمشاكل النمساويين اليومية.

اتفاق على تعويض ضحايا الفيضانات
رغم حدة النقاش، كان هناك توافق بين بابلر وكيكِل على ضرورة تقديم تعويض كامل بنسبة 100% للمتضررين من الفيضانات، ولم يفوت بابلر الفرصة للإشارة إلى أن التعويض في ولاية Niederösterreich، حيث يحكم حزبا ÖVP وFPÖ، لا يتجاوز 20%، وفي المقابل، أشار إلى أن الولايات التي يديرها حزب SPÖ تقدم تعويضات كاملة للمتضررين.

مناقشة حول المناخ والسياسات البيئية
استغل بابلر النقاش حول الفيضانات لتوجيه انتقاداته لحزب FPÖ على موقفه الرافض لمكافحة التغير المناخي، ورد كيكِل على هذه الانتقادات بأن حماية البيئة تكون من خلال منع هجرة الصناعة من النمسا، مبررًا بأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين أعلى بكثير مما هي عليه في النمسا، وأن التوجهات البيئية الصارمة في البلاد ستؤدي إلى انتقال الصناعات إلى دول أخرى دون تحسين الوضع البيئي.

الاقتصاد محور الجدل بين "القديم" و"الرجعي"
كان محورًا رئيسيًا في المناظرة هو النقاش حول السياسة الاقتصادية، وكرر بابلر اتهامه بأن حزبي ÖVP وFPÖ يشكلان حزبًا واحدًا فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، كما اتهم كيكِل بالمطالبة بتقليص الأجور بالنسبة للعمال، واصفًا هذه السياسة بأنها "تقليدية" أو "قديمة" واعتبر أن حزب SPÖ هو الحزب الوحيد الذي يدافع بشكل مطلق عن زيادة الأجور وعن مصالح العمال.

ورد كيكِل على هذه الانتقادات قائلاً إن بابلر هو الخبير الحقيقي في "السياسات الرجعية"، واعتبر أن لغة بابلر تعكس صراعًا طبقيًا قديمًا لا يخدم أحدًا، كما أشار إلى ضرورة تخفيض ضرائب الشركات من أجل منع هجرة رأس المال، ودعا إلى الاستثمار في العمال.

تبادل الاتهامات حول تأثير السياسة الضريبية
واصل بابلر هجومه على كيكِل مشيرًا إلى أن ثلاث تخفيضات سابقة في ضرائب الشركات لم تؤدِّ إلى أي استثمارات ملموسة، وأكد أن الحكومة يجب أن تدعم الصناعات في التحول نحو اقتصاد خالٍ من انبعاثات الكربون.

من جانبه، انتقد كيكِل سياسات حزب SPÖ في فيينا، متهمًا إياها بزيادة الإيجارات في الشقق البلدية ورفع أسعار التدفئة المركزية والكهرباء والغاز، ورد بابلر بالإشارة إلى أن تكاليف المعيشة في المدن التي يديرها حزب FPÖ هي أعلى بكثير مقارنةً بالمدن الأخرى.

تصعيد حول قضايا الديمقراطية
اشتد الجدل عندما انتقل النقاش إلى قضايا الديمقراطية والعدالة، وعندما سئل الطرفان عن إمكانية إيجاد أرضية مشتركة حول مفهوم "الجمهورية التشاركية" الذي يدعو إليه حزب SPÖ وتوجه حزب FPÖ نحو ديمقراطية مباشرة، شدد بابلر على رفضه الشديد لمقترحات FPÖ، متهمًا الحزب بأنه يشكل تهديدًا للنظام الديمقراطي في النمسا، وأضاف بابلر أن الحزب يسعى لتحويل النظام إلى حالة طوارئ، محذرًا من أن آخر قانون طوارئ تم إقراره كان في عام 1933 عندما تم القضاء على الديمقراطية في النمسا.

رد كيكِل باتهام بابلر بأنه هو من يواجه مشاكل مع الديمقراطية، مرجعًا ذلك إلى ما وصفه بـ"التلقين اللينيني والماركسي" الذي تلقاه بابلر.

اتهامات حول حكم القانون والفساد
استغل بابلر الفرصة لفتح جبهة جديدة في النقاش، حيث اتهم كيكِل وحزبه بعلاقة متوترة مع حكم القانون، وأخرج بابلر مستندًا بطول 1.80 متر يحتوي على قائمة بأسماء أعضاء في FPÖ الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية، بما في ذلك اتهامات بالتحريض والإصابة الجسدية الخطيرة.

من جانبه، استشهد كيكِل بتحقيقات الفساد المتعلقة بالإعلانات التي تورط فيها المستشار السابق عن حزب SPÖ فيرنر فايمان، مدعيًا أن التحقيقات تم إغلاقها بتواطؤ من حزبي SPÖ وÖVP، وأكد كيكِل أن الأحزاب التقليدية تعتقد أنها تسيطر على القضاء وتستفيد منه بشكل حصري.

نقاش حول سياسات الوباء والهجرة
اتهم كيكِل بابلر أيضًا بمواقفه خلال جائحة كورونا، مشيرًا إلى أن حزب SPÖ لم يقف إلى جانب الحرية في تلك "اللحظة الحرجة" وأعاد كيكِل التذكير بتوصيته باستخدام دواء "إيفرميكتين" لعلاج عدوى كوفيد، وهو ما اعتبره كثيرون مثيرًا للجدل.

كما تطرق النقاش إلى سياسة اللجوء والهجرة، حيث استمر كيكِل في انتقاداته لسياسات مدينة فيينا التي يديرها حزب SPÖ، معتبرًا أنها نموذج سلبي في التعامل مع الهجرة، في المقابل، حاول بابلر إثارة موضوع الإجهاض، مذكرًا بأن كيكِل وصف الحق في الإجهاض بأنه "منحرف" ورد كيكِل بأن القانون الحالي بشأن الإجهاض ليس محلًا للتغيير.

تحذيرات من الائتلافات السياسية
اختتمت المناظرة بمحاولة كل طرف إثارة المخاوف من تشكيل ائتلافات سياسية مستقبلية، حيث حذر بابلر من أن تحالفًا جديدًا بين ÖVP وFPÖ سيكون حتميًا إذا حصلت هذه الأحزاب على الأغلبية، في المقابل، أكد كيكِل أن هناك محاولات خلف الكواليس لتشكيل ائتلاف ضد حزب FPÖ.

ختام المناظرة
كشفت المناظرة بوضوح عن الاستقطاب السياسي العميق في النمسا، حيث لم يتفق بابلر وكيكِل على أي أرضية مشتركة تقريبًا، وتجسد النقاش توترات كبيرة حول قضايا الديمقراطية والعدالة والاقتصاد، مما يعكس حالة التباعد السياسي التي تسود المشهد النمساوي الحالي.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button