وصف المدون

اليوم

غياب دور النشر من أسباب تأخر الرواية الخليجية
INFOGRAT - فيينا:
"زعفرانة" رواية صدرت مؤخراً عن دار الوتد القطرية، والدار المصرية اللبنانية للكاتبة القطرية الدكتورة هدى النعيمي، ونوقشت الرواية في "البيت العربي النمساوي للثقافة والفنون"، وقدم لها بإسهاب الأديب إياد حسن، كما أشرف على إدارة الحوار الدكتورة إشراقة مصطفى أحمد.

هدى النعيمي مع الزميل عبد الكريم البليخ

فالنعيمي تعتبر من الكتاب الذين يتمتعون بإبداعهم بالصدق والتعبير عن تحولات الإنسان العربي على مدى السنوات العديدة. تتنوع أعمالها بين الرواية والسيرة الذاتية والقصة القصيرة ومسرح الطفل.

في روايتها الجديدة “زعفرانة”، عادت هدى إلى التاريخ من خلال تسليط الضوء على حرب ظفار والفترة الزمنية الطويلة التي شهدتها المنطقة. ترى هدى أن التاريخ يحمل الكثير من الأسرار والغموض، ومن واجب الروائيين إلقاء الضوء على هذه الجوانب لإثراء القارئ بمعرفته بتاريخ منطقته.

وتعتبر أن الرواية تمثل شكلاً أدبياً جاذباً للقرّاء، ولكن الكتّاب يجب أن يكونوا حذرين، ويتابعوا التغيرات التي مرت بها الأجيال على مر العصور. كما تعتقد أن الرواية التاريخية تحتاج إلى بحث وتحليل دقيق لنقل الأحداث والشخصيات بدقة.

بخصوص النساء في الرواية في الساحة الخليجية، استطاعت المرأة التحرر من غيوم الوصاية والتعبير عن قصصها بحرية شديدة.

غياب دور النشر
وتعزو هدى تأخر ظهور الرواية على الساحة القطرية إلى عدم توافر دور نشر محلية، بالإضافة إلى عوامل أخرى، ولكن مع ظهور دور النشر المحلية مثل دار “الوتد”، بدأ الإبداع الروائي القطري بالازدهار.

وجاء في محتوى الرواية "أخرجت الكتاب الأبيض الذي يحتوي على الوردة الجافة، بدأت أكتب مذكرات شهلا، منذ حطت أقدامي على هذه الأرض التي أحببتها، وحتى هوى صرح الخيال، مع خصلات شعري الأسود تسقط على أرض غرفتي، دون أن أشعر بالحزن أو الحسرة، بدأت بالسلام على زعفرانه، أمي صاحبة الكتاب، والتي أوصتني به خيراً، دون أن تذكر أنه كتاب مذكرات، أو كتاباً للعودة حين تهوي الصروح الكبيرة، بدأت بالسلام على أمي، وكأني أكتب رسالة، تذكرت أنني لم أكتب رسائل إلى أمي منذ أكثر من ستة أشهر، ولا أعرف إن كانت رسائلي التي أبعثها إلى العاصمة في بلدي، ثم تنتقل باليد، من هذا إلى ذاك، لا أعرف كم رسالة وصلت إلى أمي، بدأت أكتب مذكرات شهلا، لتصير يوماً إلى يد أمي".

عن الرواية قالت الدكتورة هدى النعيمي في بداية حديثها أنه في عام 2000 صدر للكاتب المصري صنع الله إبراهيم رواية بعنوان "وردة" تحكي عن امرأة من عمان. هذه المرأة عاشت في القاهرة في فترة الخمسينات من القرن الماضي، وتأثرت بأفكار الماركسية أو الاشتراكية في ذلك الزمن، وعادت أدراجها فيما بعد إلى عمان بعد انضمامها إلى الثوار.

وتؤكد النعيمي إلى أن رواية "زعفرانة" تناولت في مضمونها الكثير عن حرب "ظفار" العمانية، وكان ذلك بعد الانتهاء من حصولها على شهادة الدكتوراه في الفيزياء الطبية، ولم تكن تعلم أي شيء عن تلك الثورة أو حرب "ظفار" لا سيما أن مناهج التعليمي أو وسائل الإعلام لم تلمح لذلك، أو تتناول أي شيء من هذا القبيل، على الرغم ما تركته الحرب من أثر واضح في المنطقة بصورة عامة، وهذا الموضوع أثارها كثيراً ما استدعى منها إلى الكتابة عنه، وأنها لم تكن تعلم عنه شيئاً بالمطلق، ولم تحط بتاريخ المنطقة، وقد استمرت الحرب حوالي 12 عاماً، وشارك فيها الأهالي جميعهم بما في ذلك النساء.

وتضيف الدكتور هدى النعيمي: "انتهت الحرب مع بداية السبعينات، وتأثرت بها منطقة الخليج العربي بأكملها، لا سيما أنَّ ثوار ظفار كانت لهم مطالب ملحة، ونحن في الخليج لم نعلم عنها شيئاً، وكما ذكرت لم تشملها مناهج التعليم، أو حتى يُلمح عنها في وسائل الإعلام. وتساءلت فيما بعد عن أسباب تلك الثورة".

العودة إلى الماضي
وقالت: "سبقت رواية "زعفرانة" عدّة محاولات، وكانت هناك أسئلة كثيرة طرحت لماذا تأخرت في طرح الرواية، على الرغم من أنني أكتب قبل تلك الفترة بزمن بعيد سواء لجهة القصة القصيرة، النقد الانطباعي والمسرح، وغير ذاك، وحينما اكتملت بذور الكتابة بعد قراءتي للكثير، وبحثت في بطون أمهات الكتب، خلصت إلى البدء بكتابة رواية "زعفرانة" بعد أن تفرغت من مسؤوليات العمل الوظيفي والبحث العلمي اللذين كانا يشغلان كل وقتي، وبعدها قضية "ظفار" إلى الواجهة، وبدأت الانغماس فيها".

وتضيف: "لا أدري لماذا أسميتها "زعفرانة". زعفرانة بطلة الرواية، وهي امرأة قطرية المنبع من منطقة "الذخيرة" ارتحلت إلى عمان، ثم جاءت تلك الأحداث. حرب، ثورة وأنجبت على إثر زواجها بـ 3 أولاد تفرقوا في أماكن مختلفة من العالم، وبعد أكثر من أربعين عاماً عادت إلى الحي الذي ولدت وعاشت فيه وهي في سن متقدمة حيث أصبحت عجوزاً منحنية الظهر تمشي على عكاز، وصار أهالي الحي يتساءلون هل هذه المرأة هي تلك التي غادرت المكان قبل أربعين سنة؟!. فحرب ظفار عادت أمام الكاتبة مجدداً لتكتب عنها روايتها "زعفرانة"، وهي كما تؤكد لا تدعي تأريخ الحرب، ولا تدعي أنها تقدم إجابات بقدر ما تطرح الأسئلة.

وتقول الدكتورة النعيمي: "أرجو أن تبعث فيكم رواية "وردة" ما بعثت فيّا من عودة إلى الماضي ومعرفة تفاصيله بكل دقة، وتساؤلات وحماسة لمعرفة المزيد عن ذلك التاريخ الذي سبق أن تناول حرب "ظفار" عدد من الكاتبات والكتاب العمانيين، ومن تلك الروايات "تلشاد" لـ بشرى خلفان، و"حرب" لـ محمد اليحيائي، و "شعبنا والثورة" لـ نورة الشحري. و هدى النعيمي تعتبر من الكتاب المتميزين الذين يسلطون الضوء على قضايا هامة وتحولات المجتمع بإسلوب يجمع بين الحقيقة والإبداع. وتمكنت الأديبة تحقيق عنصر الإمتاع بالنسبة للمتلقي والارتقاء بذوقه، وهذا ما أجمع عليه الحضور الذين أجابت الدكتور النعيمي في نهاية حوارها على تساؤلاتهم باسهاب.

هدى النعيمي في سطور
كاتبة قطرية، حاصلة على الدكتوراه في مجال الفيزياء الحيوية الطبية، وسبق لها أن عملت لسنوات داخل المؤسسة الطبية في قطر، من خلال تخصصها العلمي.

نشرت العديد من أوراق العمل في دوريات عالمية، وشاركت في العديد من المؤتمرات العالمية كباحثة في مجال التخصص. حاصلة على عضوية عدد من المنظمات الدولية في مجالها، كما حصلت على عدد من الشهادات التقديرية، والجوائز العالمية لجهودها ترسيخ علم الفيزياء الطبية في قطر، وحصلت على جائزة الدولة التشجيعية عام 2018.

في المجال الأدبي، بدأت بالنشر خلال المرحلة الجامعية، تركزت كتاباتها الأولى على الخاطرة الأدبية، والقصة القصيرة، ثم كتبت المقال الأدبي والنقدي في عدد من الصحف القطرية والعربية الصادرة داخل وخارج الوطن العربي، وحرصت على المشاركة في الحياة الثقافية في العالم العربي كافة، فحضرت وشاركت في عدد كبير من المؤتمرات والمهرجانات الثقافية على امتداد الوطن العربي.

أصدرت مجموعتها القصصية الأولى "المكحلة" عام ،1997 ومجموعتها الثانية "أنثى" عام 1998 ثم المجموعة الثالثة "أباطيل" عام 2000. تبعها إصدارها الرابع، وهو مجموعة من مقالاتها الأدبية والنقدية "عين ترى" عام 2022، وفي العام 2010، وتزامنا مع احتفالات الدوحة كعاصمة للثقافة العربية، أصدرت مجموعة قصصية "حالة تشبهنا"، أتبعتها بعمل مسرحي في أدب الطفل "النبع الذهبي" عام 2012، ثم أصدرت كتاب "قمط" عام 2021 عن دار كتارا في قطر، وهو عبارة عن قصص مجلات الأطفال في مرحلة الستينات والسبعيات من القرن الماضي، وفي عام 2023 صدر لها كتاب "حين يبوح النخيل"، وهو سيرة روائية لمسيرتها العلمية والأدبية، عن دار جامعة حمد بن خليفة، فضلاً عن كونها ناشطة في العمل الثقافي داخل وخارج قطر. عضو لجنة التحكيم لجائزة الرواية العالمية، والمسماة بـ "البوكر العربي" عام 2014، وعضو لجنة تحكيم لجائزة كتارا للرواية العربية عام 2014.

عبد الكريم البليخ 
كاتب وصحفي سوري مقيم في فيينا



ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button