INFOGRAT - فيينا:
منذ متى ظهر تعارض بين العلم و الدين ؟ .. بين العقل و الإيمان ؟
طوال التاريخ البشري لا يوجد أي تعارض بين العلم و الإيمان !...
هل يتعارض العلم مع الدين.. أرقام وحقائق |
كان العلماء المسلمون يخترعون و يكتشفون و يبحثون في الطب و الهندسة و الفلك .. و لم يكن هذا يتعارض مع الإيمان و الدين لديهم !
قد يقول لنا أحدهم أن هذا لأن الدين الإسلامي منطقي و لا يتعارض مع العقل .. رب واحد خالق.. قوة خارقة .. لا مثيل له و لا شريك له .. و بشر رسول يعلمنا وسيلة التواصل مع هذا الرب بدون وسيط أو أصنام ..!!
لكن حتى في الحضارات القديمة.. كان العلماء الهندوس يقدمون العلم و في نفس الوقت يؤمنون بآلهتهم و يعبدونها في المعابد ... كذلك علماء الفراعنة و البابليين و اليونان و الرومان و الصين ... إلخ
حتى في العالم المسيحي الأوروبي .. لم يكن الناس يفكرون أن هناك تعارض بين الدين و العلم ... اكتشف نيوتن نظرية الجاذبية ... و قدم ليوناردو دافينشي تصميماته ... و صمم الأوروبيون السفن و المدافع و البارود ... و طوروها .. و استعملوها في غزو البلاد تحت شعار المسيحية .. و لم يرى أحدهم أي تعارض بين العلم و الدين
قامت النهضة العلمية المادية الأوروبية في القرن السادس عشر و استمرت حتى منتصف القرن التاسع عشر ... و لا يشعر أي شخص بأي تعارض .. أو ربما تعارض بسيط .. بين العلم و الدين
حتى تعارض نظرية أن الكرة الأرضية هي مركز الكون في المسيحية, مع اكتشافات جاليليو و كوبرنيكوس في علم الفلك .. كان من السهل الوصول إلى نظرية أو تفسير توافقي بين النصوص المسيحية و اكتشافات الفلك ولا يضطر الناس للتنازل عن الدين لتصديق العلم ..او العكس !
لم يشعر أحدهم أن عليه التنازل عن عقيدته حين يفكر في العلم المادي التجريبي !!!
إذا متى و لماذا حدث هذا الشرخ الرهيب بين العلم و الإيمان .. و الذي نعاني منه حتى اليوم ... حتى أصبح اليوم الإنتماء إلى المجتمع العلمي و التفكير العلمي يرتبط بالمادية و الإلحاد في بلاد الغرب ...؟؟؟؟؟؟
حدث هذا الشرخ في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي !!
حدث لأن تفسيرات الكنائس المسيحية للتوراة و الإنجيل تقول أن عمر الكرة الأرضية هو ستة آلاف سنة فقط !!
و لأن التوراة هي كتاب ديني مقدس ... و يعتمد على حكاية قصة منذ خلق آدم عليه السلام إلى تشريد بني إسرائيل من فلسطين بواسطة الرومان و تدمير هيكل سليمان .. و يقدم تفاصيل و ارقام ...و بالتالي فأي تشكيك في هذه الأرقام يعني تشكيك في الكتاب نفسه
و حسب النظرية المسيحية فإن خلق العالم كان يوم 23 أكتوبر سنة 4004 قبل الميلاد الساعة 9 صباحا ...!!!!
يعني منذ 6026 سنة بالضبط !!! حسب جمع و طرح الأرقام المذكورة في التوراة !!
و بالتالي حين ظهر علم الجيلوجيا و علم الحفريات في منتصف القرن التاسع عشر ... وجد الناس و العلماء حفريات أقدم بكثير من هذا الرقم !!... و وجدوا آثار و حضارات بشرية أقدم بكثير من هذا الرقم !!.... و وجدوا هياكل عظمية بشرية أقدم بكثير من هذا الرقم !!!
و هنا وجد المسيحيون في أوروبا أن عليهم الإختيار بين ثلاثة إختيارات.
1 الكفر بالدين و الإيمان بالعلم
2 الكفر بالعلم و الإيمان بالدين
3 البحث عن صورة توفيقية بين الإثنين مثل إعتبار أن كل ما في الإنجيل و التوراة هي مجرد قصص خيالية للتعليم .. و لكن هذه الصورة التوافقية تفتح الباب أمام التشكيك في كل شيء .. بما فيه هل كان موسى عليه السلام أو عيسى عليه السلام شخصيات حقيقية أم مجرد قصص
و منذ ذلك الحين ظهر الشرخ بين العلم و الإيمان في الغرب المسيحي ... و تم تصدير هذه المشكلة الى بلادنا رغم أننا لا نعاني أصلا من هذه المشكلة .. مشكلة التوافق بين النصوص الدينية و القرآنية و بين العلم التجريبي المادي
لكن لأن العلمانيين و التغريبيين و أتباع الغرب يقلدون الغرب في كل شيء بحماقة .. حتى في مشاكله .. فقد قام العلمانيون بإستيراد مشكلة عدم التوافق بين العلم و الإيمان .. و تطبيقها على أنفسهم مثل القرود المقلدة و الببغاء الذي يقلد الكلام دون فهم لمعناه !!
في حضارتنا الإسلامية لا يوجد تعارض بين العلم و الإيمان .. أو بين العقل و النصوص الدينية ... فلا نحتاج لإستيراد مشكلة ليست موجودة عندنا أصلا !!
مقال لـ أ. أنس جمال
صحفي سوري مقيم في فيينا
شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة