يعلم راينر فيندت، رئيس نقابة الشرطة الالمانية، بأن الوضع خطير، وذلك بعد اطلاعه على تقارير إعلامية صادمة بشأن الاشتباه في تورط عناصر من شرطة فرانكفورت في محادثات إلكترونية نازية. وعبّر فيندت، البالغ من العمر 62 عاماً لـDW عن قلقه إزاء الوضع وقال: "بالطبع أشعر بالقلق. في حالة ثبتت هذه الادعاءات، فسيكون ذلك أمراً سيئاً للشرطة. الشرطة تتمتع بثقة كبيرة لدى المواطنين"، مضيفاً أن مثل هذه الحوادث من شأنها هز هذه الثقة أيضاً.
الادعاءات الموجة لهؤلاء العناصر ذات وزن ثقيل: خمسة من رجال شرطة فرانكفورت، يُشتبه في أنهم نشروا صور هتلر وصليب معقوف على الإنترنت، والتحدث بطريقة غير إنسانية عن الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة والأجانب. وتم إخطار المكتب الإقليمي للتحقيقات الجنائية LKA. وفي الأثناء يجري التحقيق في القضية من قبل الادعاء العام في فرانكفورت، وقد تم اتخاذ إجراءات أولية، تمثلت في توقيف رجال الشرطة الأربعة وشرطية واحدة عن الخدمة، ويجري التحقيق معهم في تهمة التحريض.
أسس المكتب الإقليمي للتحقيقات الجنائية LKA بولاية هيسن، فريق عمل مكون من مجموعة من رجال الشرطة والمحامين. من جهتها طالبت وزيرة العدل، كاتارينا بارلي المنتمية للحزب الاشتراكي الديموقراطي، بإجراء تحقيق سريع في القضية، وقالت لمجموعة "ميديا فونك غروب الإعلامية إنه "لا مكان للفكر اليميني بين عناصر الشرطة."
عضو البرلمان الألماني والناطق باسم الشؤون الخارجية في حزب الخضر الألماني، أوميد نوريبور، 43 عاماً، يرى أن هذه القضية بحاجة إلى تقييم متوازي، "فمن جهة يجب التأكد من عدم وجود أي اشتباه عام ضد رجال ونساء الشرطة الذين يقومون بعمل شاق للغاية، وأحيانًا محبط لنا جميعاً، ومن جهة أخرى، فإن الأمر يتعلق بسلطة تمارس احتكار القوة ويجب أن تكون محصنة ضد الأفكار المتطرفة"، على حد قول نوريبور.
ارتباط مع الخلية النازية الإرهابية المتطرفة (NSU) ؟
وما خلق المزيد من الضجة في القضية هو وجود ادعاءات بأن التحقيقات في القضية قد تكون مرتبطة أيضاً بمحاكمة الخلية النازية الإرهابية المتطرفة (NSU) ، والتي ينتمي لها كل من أوفي موندلوس وأوفي بونهارت وبياته تسشبي، والتي نفذت عمليات قتل في الفترة بين عامي 2000 و2007، في حق تسعة مهاجرين وشرطية واحدة، كما نفذت 43 محاولة قتل وثلاث هجمات متفجرة و15 عملية سطو على في كافة أنحاء ألمانيا. وفي الصيف، حُكم على المشتبه بهم الرئيسيين بالسجن لعدة سنوات، لكن العدد الدقيق للأشخاص المتورطين في الجرائم بقي مجهولاً لحد الآن.
وكانت سيدا باساي-يلديز، المحامية من فرانكفورت، قد مثلت أحد الضحايا في القضية ضد الخلية النازية الإرهابية المتطرفة .(NSU) تلقت المحامية رسالة تهديد عبر الفاكس أرسلها مجهول وتحمل توقيع (NSU 2.0)، بحسب ما ذكرت صحيفة "فرانكفورتر نيو برسه" اليومية. كما تعرضت ابنتها البالغة من العمر عامان للتهديد بالقتل، حسب نفس الصحيفة. وهناك اشتباه كبير في تورط نفس الشرطيين اللذين قيل أنهما نشرا أفكار التيار اليميني على الإنترنت، في اشتراكهما أيضاً في صياغة رسالة التهديد التي أرسلت للمحامية. وعلى جهاز الكمبيوتر الخاص بمركز الشرطة، والذي كان يستخدمه المسؤولون الخمسة في فرانكفورت حتى لحظة توقيفهم، تبين أنه تم البحث عن البيانات المسجلة الخاصةبالمحامية، من دون أن يكون لذلك البحث أي علاقة بالعمل. وعلقت صحيفة "فرانكفورتر نيو برسه" على الموضوع نفسه نهاية الأسبوع. ويبقى غير واضحاً، ما إن كانت هناك ادعاءات أخرى ضد عناصر في المنطقة. ولم يعلق مكتب المدعي العام على التساؤلات التي تمس جوهر إجراءات التحقيق المتعلقة بهذه القضية.
تصاعد الضغط السياسي
عبر السياسي من حزب الخضر، نوريبور عن قلقه العميق من حجم الاتهامات. ويرى السياسي إنه في الوقت الذي تكتسب فيه الأحزاب الشعبوية اليمينية مزيداً من الزخم في ألمانيا أيضاً، تقع على عاتق الشرطة مسؤولية خاصة، ويقول: "ربما يجب على المرء التفكير في أن يكون هناك المزيد من المحققين المستقلين على كافة المستويات، بالأخص بالنسبة للزميلات والزملاء الجدد من قاعدة التسلسل الوظيفي، الذين يحتاجون إلى جهة أو مقصد بإمكانهم اللجوء إليها، حتى يشيروا إلى مثل هذه الحوادث. من غير المسموح أن يكون أصحاب الزي الرسمي، سواء كانوا من الجيش الألماني أومن الشرطة، معرضين بسهولة للتطرف من أي شكل من الأشكال".
راينر فيندت من نقابة الشرطة لا يوافق نوريبور بالكامل في هذه النقطة. على الرغم من خطورة الادعاءات، فهو لا يرى ضرورة أساسية لتغيير هياكل الشرطة في الوقت الحالي، وقال: "توجد أدوات كافية للتدخل في الوقت المناسب. وفي بعض الأحيان قد يفشل أحد الكوادر التنفيذيين في الكشف عن حالة أو أخرى بشكل متأخر، ولكننا لسنا بحاجة إلي تغيير من الناحية الهيكلية".
التحقيقات الإضافية سوف تُظهر ما إذا كان سيتم دعم هذه الأطروحة. في المقابل يتصاعد الضغط السياسي، وبناءً على طلب من حزب اليسار في برلمان ولاية هسن، ستجتمع لجنة الداخلية في برلمان الولاية يوم غد الأربعاء لحضور جلسة خاصة. ومن الأمور التي تناقش خلال هذه الجلسة تخص الاستفسارات حول ما إذا كان ضباط شرطة فرانكفورت قد أجروا اتصالات مع النازيين الجدد خارج الشرطة وما إذا كانت حكومة ولاية هيسن مطلعة على "اتهامات مماثلة تمس ضباط شرطة هسن".
وبحسب ما جاء في تقرير "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" اليوم الثلاثاء (17 ديسمبر/ كانون الأول 2018)، فقد تكون هناك أقسام أخرى متورطة في فضيحة التطرف اليميني في فرانكفورت. وقال التقرير إنه تم تفتيش المزيد من الإدارات في ولاية هيسن في ماربورغ-بيدينكوبف. والتي من الممكن أن يكون لها علاقة مع أحد عناصر الشرطة، التابعين لخلية فرانكفورت. وبحسب "تاغسشبيغل" فقد تمت مصادرة هواتف أخرى لأفراد من الشرطة.
DW
شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة