وصف المدون

اليوم

دعم إيران للمليشيات الشيعية ليس موضوع خلاف أبداً فإيران تعترف بذلك علانية, لكن ما هو مخفي وسري هو دعم النظام الإيراني لتنظيم القاعدة وأخواتها، الأمر الذي سنبينه في هذا التقرير البحثي من خلال التحري عن الأسباب التي دفعت إلى تقارب هذين الطرفين سراً، مع الإثبات بالأدلة والبراهين الواضحة على تعاونهما. من خلال النقاط الآتية:
أسباب تعاون النظام الإيراني مع القاعدة.
التقارب في الأفكار المتطرفة.
الأهداف الاستراتيجية المشتركة.
الدلائل والبراهين على تعاون النظام الإيراني مع القاعدة.
تشكيل مكتب الحركات التابع للحرس الثوري الإيراني.
الدور الوسيط لحزب الله اللبناني.
اعتراف محمد جواد لاريجاني.
تقرير أحداث 11 أيلول/ سبتمبر الأمريكي.
دفتر يوميات بن لادن المكتوبة بخط اليد والمكون من ٢٢٨ صفحة.
وثيقة من 19 صفحة من أحد كبار قادة القاعدة.
طلبات مبادلة قادة المعارضة الإيرانية مجاهدي خلق بقادة تنظيم القاعدة.
إيران والقاعدة بعد 11 أيلول/ سبتمبر.
علاقة تنظيم القاعدة في العراق بإيران.
موضوع دفع تعويضات عائلات ضحايا 11 أيلول/ سبتمبر.
النظام الإيراني والقاعدة

منذ البداية ارتكز النظام في طهران على أعمدة مزدوجة تتمثّل في القمع الداخلي وتصدير الإرهاب. كانت سياسة تصدير التطرف الإسلامي والإرهاب جانباً واضحاً من استراتيجية الدولة المُتّبعة في أعلى مستويات النظام في مدى العقود الأربعة الماضية.

في الأسبوع الماضي تحول حدثان مهمان حول علاقة النظام الإيراني والقاعدة مرة أخرى إلى موضوع بحث المحافل السياسية والإخبارية، آخر هذه الأحداث كان دراسة تقديم تعويضات لعائلات ضحايا ١١ أيلول/ سبتمبر في أحد المحاكم الأوروبية والثاني كان كشف حيثيات جديدة عن علاقة النظام الإيراني بالقاعدة قبل ١١ أيلول/ سبتمبر.

أسباب تعاون النظام الإيراني مع القاعدة
التقارب في الأفكار المتطرفة

يعتبر دستور هذا النظام خلق الحكومة العالمية مهمته وهدفه، ويعد ولي فقيه النظام نفسه قائد مسلمي العالم، لذلك يسمح باستخدام كل إمكانية من أجل الوصول إلى الأهداف التي أسست في الدستور.

من خلال إلقاء نظرة عامة على دستور نظام الملالي تبين لنا مقدمة دستور نظام ولاية الفقيه أن المؤسسات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمع الإيراني قائمة على أساس المبادئ والمعايير الإسلامية، التي تعكس إرادة الأمة الإسلامية.

وبالنظر إلى مقاصد الثورة الإسلامية في إيران، نجدها تهدف إلى نصرة المستضعفين كلهم على المستكبرين، ويعدّ الدستور الأوضاع لاستمرار هذه الثورة داخل البلاد وخارجها، وتوسيع العلاقات مع الحركات الإسلاميّة والشعبيّة كلها إذ يسعى إلى بناء الأمة العالمية الواحدة ويعمل على مواصلة الجهد لإنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة في أنحاء العالم كله.

البند (16) من المادة الثالثة في الدستور الإيراني: تنظيم السياسية الخارجية للبلاد على أساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه المسلمين جميعهم، والدعم الكامل لمستضعفي العالم.

المادة الحادية عشرة في الدستور الإيراني: يعتبر المسلمين أمة واحدة، وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة سياستها العامة كلها على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الوحدة السياسية والاقتصادية والثقافية في العالم الإسلامي.

نتيجة ذلك فإن نظام ولاية الفقيه الملتزم بهذا الدستور نفسه قام بشرعنة جرائمه جميعها الداخلية والخارجية.

الهدف المعلن للتطرف الإسلامي هو تطبيق الشريعة الإسلامية بالقوّة، وهذا هو القاسم المشترك بين حكم الملالي في إيران والسلفية في مناطق أخرى، وتوصف ولاية الفقيه بـ[الحكم المطلق لرجل الدين] وأيضاً بالخلافة.

وعلى الرغم من خلافاتهم وعداءتهم اللفظية، فإنّ المتطرفين الشيعة والسنة ينتمون إلى الأيديولوجية الأساسية نفسها في أبسط عناصر معتقداتهم وسلوكهم.

الأهداف الاستراتيجية المشتركة

جماعات مثل القاعدة وتنظيم داعش ليست مشابهة لحزب الله اللّبناني أو المليشيات الشيعية في العراق التي تتلقى أوامرها مباشرة من طهران، ولكنها في الوقت نفسه ليست خصوماً أيضاً في الظاهر توجد اختلافات بين إيران والجماعات السنية المتطرفة، أما في الواقع لديهما كثير من القواسم المشتركة، وأهمّ قاسم مشترك بينها هو عداؤها للولايات المتحدة الأمريكية وللأنظمة العربية، وتماشياً مع هذه الاستراتيجية، لم يتنصّل النظام الإيراني أبدا من المساعدة ومن توفير التعاون النشط والدعم اللوجستي للقاعدة وتنظيم داعش، كلما كان ذلك يخدم مصالح طهران أكثر.

أبو حفص الموريتاني الذي تفاوض بشأن توفير ملاذ آمن في إيران لبعض ناشطي القاعدة بعد سقوط طالبان في أفغانستان في عقب الهجمات التي تعرضت لها الولايات الأمريكية يوم 11 أيلول/ سبتمبر 2001 يقول في أحد الوثائق التي وجدت في مقر أسامة بن لادن التي سنأتي على ذكرها لاحقا:

(نعم، العداوة بين إيران وأمريكا هي عداوة واقعة وحقيقية، ومن يتصوّر خلاف ذلك ويقول إنّ كل ما بينهما من تظاهر بالعداوة ومن السب والشتم ونحو ذلك إنما هو «مسرحية» و«تمثيلية» فهذا جاهل لا يعرف الحقائق، فالإيرانيون شيعة رافضة إثنا عشرية إمامية، ومذهبهم معروف لنا جميعاً بكامل الوضوح، ومعتقدهم فينا معروف, معتقدهم في أهل السنة وخصوصاً فينا نحن السلفيين، واضح معروف، وطموحهم إلى السيطرة على العالم الإسلامي وتوقهم إلى تولي زمام القيادة للعالم الإسلامي، معروف كذلك، وكونهم أصحاب دين طائفي قومي موضع مخترع مصنوع بأهوائهم، ذلك كله معروف تمام المعرفة لدينا جميعا، وشعاراتهم التي يرفعونها معروفة، ومع ذلك فإنهم على أتم الاستعداد للتعاون مع أكثر الناس سلفية حيثما رأوا أن هذا التعاون والتعامل يحقق لهم مصلحة ولو مؤقتة، ثم ينبذونه في الوقت الملائم، مثلاً أي شخص يريد ضرب أمريكا فإن إيران مستعدة لدعمه ومساعدته بالمال والسلاح وبكل المطلوب مما لا يورّطهم بشكل صريح وواضح. فهم يشتغلون على أمريكا بجدّ، ولكنّهم يخافون من وقوع أي دليل في يد أمريكا، ولهذا يجتهدون جداً لكي لا يتركوا أي بصمات لعملهم. من أمثلة ذلك أنّهم عرضوا على بعض إخواننا من السعوديين (الذين سفّروهم) أن يدعموهم بالمال والسلاح وبكل ما يحتاجون إليه، وعرضوا عليهم التدريب في معسكرات حزب الله في لبنان، مقابل ضرب مصالح أمريكا في السعودية والخليج. وعرضوا وما زالوا يعرضون، على مجموعة أعرفها وهم على تواصل معنا من الإخوة الأوزبك أن يدعموهم كذلك بالمال والسلاح والإقامة والمرور في إيران وبما يحتاجون إليه كله مقابل ضرب أهداف أمريكية في أوزبكستان، فأنتم قد تتعجبون كيف أن شخصاً أو جماعة سلفية بحسب نظر الرافضة الإيرانيين، تدعمها إيران لضرب أمريكا. ومن لا يعرف الأمور ولم يجرّب ربما استبعد هذا، وربما حار في تفسيره وظن الظنون، وهذا كله من قلة المعرفة لا غير. وإلا فالأمر واضح لمن عرف. وعلى سبيل المبالغة والفرض والتثبيت في الأذهان أنا أقول لكم: إن إيران مستعدة لدعم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب نفسه لو قدّر أنه حيّ وأن الأوضاع واتتها لكي تدعمه ليضرب أمريكا في مثل أوضاعنا الحالية).

الدلائل والبراهين على تعاون النظام الإيراني مع القاعدة

في العاشر من أيلول/ سبتمبر٢٠١٧ كتبت صحفية لوموند الفرنسية مقالاً بعنوان (الجيوسياسية، العلاقات الخطيرة للقاعدة مع النظام الإيراني): وضع النظام الإيراني المال والسلاح والتدريب في متناول القاعدة وكان هو الطريق الأساسي لنقل المال والأشخاص والاتصالات.

استقرت القاعدة بسهولة في هذا البلد بعلم مخابرات النظام الإيراني ومعرفتها. وقدموا لهم استقبالاً خاصاً وأعطوهم بيوتا وملجأ وفي الوقت نفسه حرصوا على أن يحركوهم بما يفيد أهدافهم الخاصة, واقترحت عليهم الجهات المختصة الإيرانية بأن يقدموا لهم ما يحتاجون إليه كله من السلاح والتدريب في معسكرات حزب الله مشترطين عليهم بأن يقوموا بمهاجمة المصالح الأمريكية والسعودية ودول الخليج.


تشكيل مكتب الحركات التابع للحرس الثوري الإيراني

قال جواد منصوري (أول قائد للحرس الثوري الإيراني) ونائب وزير الشؤون الخارجية عام 1981 في مقابلة حصرية في 20 حزيران/ يونيو 2016: إنّ تقديم المساعدة للحركات (أي الجماعات الإرهابية والمتطرفة) قد بدأ عام 1979، وقد كانوا يذهبون أحياناً إلى السيد رفيق دوست، الذي ترأّس وحدة اللوجستيات التابعة للحرس الثوري الإسلامي للحصول على الأموال والأسلحة والموقع.

وأضاف: في نيسان/ أبريل 1981، أسس مكتب الحركات رسمياً ضمن الحرس الثوري الإيراني عام 1981، كان الشهيد رجائي وزير الخارجية وكنت نائبه وكان لدينا اجتماعات منتظمة. في أحد الاجتماعات قلت له إن هناك ثمانية من الكيانات التي تتلقى الأموال من الحكومة لتصدير النشاط الثوري. اجمع المسؤولين في هذه المؤسسات الثمانية وعيّن شخصاً واحداً وأخبره بأنّي سأعطيه الميزانية ليقسمها ويجب أن يكون الجميع مسؤولين أمامه.

وفي تقرير لآية الله حسين على منتظري، وريث الخميني المعين في أوائل الثمانينات، تحدّث مهدي هاشمي الذي كان مسؤولاً عن وحدة حركات التحرير التابعة للحرس الثوري الإيراني، بقدر كبير من التفصيل عن نشاط النظام لتحديد الجماعات المتطرفة وإنشائها ورعايتها ودعمها في فلسطين ومصر والعراق وأفغانستان والمغرب. (وفي مصطلح النظام الإيراني، يطلق على هذه الجماعات الإرهابية والمتطرفة اسم حركات التحرير.)


الدور الوسيط لحزب الله اللبناني

تمكّنت إيران في بعض الحالات، في تعاملها مع تنظيم القاعدة، من الحدّ من مخاطر التّعاون المباشر بإشراك القاعدة عن طريق حزب الله. ففي 1992 التقى بن لادن عماد مغنية الذي كان مسؤولاً عن الشؤون العسكرية لحزب الله، وكان العقل المدبّر لتفجير الثكنة الأمريكية في بيروت عام 1983. ومن الواضح أنّ ذلك كان تمهيداً لاجتماع بين بن لادن ومغنية وعميد قوات الحرس الثوري الإيراني محمد باقر ذي القدر الذي كان رئيس أركان الحرس في السودان في عام 1993. ووفقاً لما ذكرته الحركة الوطنية للمقاومة الإيرانية، فإنّ ذلك خلق خريطة الطريق للتعاون بين القاعدة وحزب الله تحت سيطرة طهران.

قبل هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، قدّمت إيران للقاعدة -وبصورة رئيسية من خلال حزب الله- التدريب الحاسم والمتفجرات والدعم اللوجستي. في 7 آب/ أغسطس 1998، استخدمت القاعدة بنجاح تكتيكات حزب الله الإرهابية التي كان لها تأثير مدمّر. ونفّذت القاعدة عمليتي تفجير انتحاريتين متزامنتين ضد السفارتين الأمريكيتين في نيروبي بكينيا ودار السلام في تنزانيا، ما أسفر عن مقتل 223 شخصا وإصابة آلاف آخرين.

وفي 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، استخلصت المحكمة المحلية الأمريكية لمقاطعة كولومبيا أن التفجيرات ما كانت لتكون ممكنة من دون مساعدة مباشرة من طهران وكذلك من السودان.


اعتراف محمد جواد لاريجاني

في منتصف التسعينات، تفاوض كبار عناصر تنظيم القاعدة بخصوص علاقة سرية بين إيران والقاعدة أدّت إلى تأمين مرور عدد من عناصرها عبر إيران إلى أفغانستان. وصدرت تعليمات إلى حرس الحدود الإيرانيين بعدم ختم جوازات سفرهم، لكي لا تشتبه حكوماتهم أنّهم سافروا إلى أفغانستان.

وفي ٣٠ أيار/ مايو ٢٠١٨ قال محمد جواد لاريجاني في مقابلة مع شبكة التلفزيون الإيرانية الثانية عناصر القاعدة الذين أرادوا الذهاب إلى أفغانستان أو إلى أي مكان آخر كانوا يأتون برحلات جوية أو برية، طلبوا منا على الحدود عدم وضع أختامنا في جواز سفرهم. لأنه إذا علمت الحكومة السعودية أننا قد أتينا إلى إيران، فإنها سوف تزعجنا وتؤذينا. وقد قبلت حكومتنا بعضًا من هذه الطلبات، لأنها كانت ترانزيت، وكانوا يمضون ساعتين ومن ثم يذهبون.


تقرير 11 أيلول/ سبتمبر

أسست القاعدة نحو عام 1988 وتمركزت في باكستان والمنطقة الحدودية الأفغانية في التسعينات. ومع صعود طالبان إلى السلطة في أفغانستان، نُقل مقرّها إلى أفغانستان، تعاونت إيران مع تنظيم القاعدة سرّاً وفي كثير من الأحيان بالوكالة بسبب السمعة السيئة للأخيرة. وقد بدأ هذا التعاون السري في أوائل عام 1990 في السودان، واستمر بعد انتقال القاعدة إلى أفغانستان، بل تجلّى على التّراب الإيراني قبل هجمات 11 أيلول/ سبتمبر وأثناءها وبعدها. ويتضمّن تقرير لجنة 11/9 -وهو التقرير الرسمي للأحداث التي أدّت إلى هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 الإرهابية- قسماً مخصّصاً حصراً للتحقيق في العلاقات الإيرانية بالقاعدة ويوضّح:

أدّت المناقشات التي جرت في السودان بين القاعدة وعناصر إيرانية، في أواخر 1991 إلى اتفاق غير رسمي للتعاون في تقديم الدعم -حتّى وإن كان محض تدريب- لعمليات تستهدف أساساً إسرائيل والولايات المتّحدة. ولم يمض وقت طويل بعد ذلك حتّى سافر كبار أعضاء تنظيم القاعدة ومدرّبين إلى إيران لتلقي التدريب على المتفجّرات.

وأشار التقرير إلى:

تشير المعلومات الاستخباراتية إلى استمرار الاتصالات بين مسؤولي الأمن الإيرانيين وكبار شخصيات القاعدة بعد عودة بن لادن إلى أفغانستان. قال خلاد (توفيق بن عطاش) إنّ إيران تبذل جهداً متضافراً لتعزيز علاقاتها مع القاعدة بعد الهجوم الذي وقع في تشرين الأول/ أكتوبر 2000 على يو إس إس كول، ولكن جهدها قوبل بالرفض لأن ابن لادن لا يريد أن ينفر أنصاره في المملكة العربية السعودية. ووصف خلاد ومحتجزون آخرون استعداد المسؤولين الإيرانيين لتسهيل سفر أعضاء القاعدة عبر إيران من أفغانستان وإليها. وعلى سبيل المثال، يُبلغ مفتّشو الحدود الإيرانيون بعدم وضع الأختام في جوازات سفر هؤلاء المسافرين. وكانت هذه الترتيبات مفيدة بصفة خاصة لأعضاء القاعدة السعوديين.

وذكر تقرير لجنة 11/9 أنّ الأدلة أفادت 8 إلى 10 من أصل 14 من الناشطين السعوديين سافروا إلى إيران أو خرجوا منها في المدّة بين تشرين الأول/ أكتوبر 2000 وشباط/ فبراير2001.

خلاصة القول، هناك أدلّة قوية على أنّ إيران سهلت عبور عناصر القاعدة إلى أفغانستان وخروجهم منها قبل 11/9 وأنّ بعض هؤلاء العناصر كان من بين الخاطفين في هجوم 11/9 كما جاء في التقرير.


دفتر يوميات بن لادن المكتوبة بخط اليد المكون من ٢٢٨ صفحة.

كتبت صحيفة واشنطن تايمز في ١٠ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠١٦: يقول مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن هذه هي أكبر وثيقة جرى الحصول عليها من القاعدة حتى الآن، إذ تظهر دراسة لهذه الوثائق أن هناك تعاوناً بين القاعدة والنظام الإيراني. منعت إدارة أوباما نشر هذه الوثائق.

وفي 20 أيار/ مايو 2015، و1 آذار/ مارس 2016 نشر مكتب مدير الاستخبارات الوطنية عدداً من الوثائق التي جرى الحصول عليها أثناء مداهمة منزل بن لادن في أبوت آباد في 2011. ومن بين الوثائق كان هناك رسالة في 2007 من بن لادن إلى إرهابي اسمه كريم؛ أوضح فيها بن لادن علاقة المجموعة بإيران. وكتب بن لادن: إيران هي شرياننا الرئيس للأموال والموظفين والاتصالات، فضلاً عن مسالة الرهائن. ليست هناك حاجة إلى القتال مع إيران إلّا إذا كنت مجبراً على ذلك. ونصح بشدّة بعدم شن أي هجوم على إيران.

وتوضّح رسالة أخرى لابن لادن كيف لجأ أعضاء القاعدة إلى إيران بعد 11/9. وفي رسالة إلى الشيخ أبي محمد قال: بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر دخلوا إيران بسرعة عبر طرق مختلفة وليس عبر البوابات الرسمية. وبعد شهر انضمّ إخوة آخرون مع عائلاتهم.


وثيقة من 19 صفحة من أحد كبار قادة القاعدة

نشرت هذه الوثيقة في مجلة أتلانتك الأمريكية في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠١٧. ووفقاً للوثيقة فإن رئيس مجلس الشريعة في تنظيم القاعدة دخل إيران عن طريق معبر تافتان في بلوشستان، والتقى مع قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للنظام الإيراني.

في صيف عام 2002، قام قادة كبار في تنظيم القاعدة، ومنهم سيف العدل وأبو محمد المصري وأبو مصعب السوري، بدخول إيران تدريجيًا، وأعيد بناء المجلس العسكري للقاعدة في إيران، وانتهت أول عملية له في الرياض بتفجير ثلاثة مجمعات سكنية عام 2003 وراح ضحية هذا التفجير 35 شخصاً، بينهم 9 مواطنين أمريكيين.

تضمّنت الوثائق السرية الجديدة التي جرى الحصول عليها من مقر أسامة بن لادن في آبوت آباد في باكستان تقريراً مؤلّفا من 19 صفحة لمسؤول كبير في تنظيم القاعدة. وتقول الوثيقة: إنّ أحد عناصر القاعدة الذي أطلق عليه اسم أبي حفص الموريتاني تفاوض بشأن توفير ملاذ آمن في إيران لبعض ناشطي القاعدة بعد سقوط طالبان في أفغانستان عقب الهجمات التي تعرضت لها الولايات الأمريكية يوم 11 أيلول/ سبتمبر 2001.


طلبات مبادلة قادة المعارضة الإيرانية مجاهدي خلق بقادة تنظيم القاعدة

خلال الاجتماع الذي عُقد في أيار/ مايو 2003 بين كبار المسؤولين الإيرانيين ونظرائهم الأمريكيين، اقترح الإيرانيون تبادل زعماء القاعدة بقادة مجموعة المعارضة الإيرانية الرئيسة، المتمثلة في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية الذين كانوا في مخيم أشرف في العراق تحت حماية الولايات الأمريكية. وكان زلماي خليل زاد السفير الأمريكي السابق لدى العراق وأفغانستان والأمم المتحدة حاضراً في الاجتماع وأوضح في كتابه أنّ الإيرانيين أذاعوا إمكان إجراء تبادل مباشر لقادة تنظيم القاعدة مقابل قادة مجاهدي خلق.

وقال مسؤول كبير في المخابرات الأمريكية كان قد تحدّث بشرط عدم ذكر اسمه لشبكة إن بي سي نيوز في 24 حزيران/ يونيو 2005 أنّ عدداً من العروض قُدّمت عن طريق أطراف ثالثة وليست جميعها دبلوماسية.


إيران والقاعدة بعد 11 أيلول/ سبتمبر

في ما يتعلق بتنظيم القاعدة، وبعد أن جعل المجتمع الدولي من إنهائها أولوية عليا بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، قلّلت إيران من علاقاتها بتنظيم القاعدة وصوّرت نفسها أحيانا عدوّاً للقاعدة. وفي بعض المناسبات، زعمت إيران أنّها ستقدّم أعضاء القاعدة الذين مُنحوا ملاذاً في إيران للمحاكمة. ولكن هذا لم يحدث بل إنّ إيران لم تهدّد أبداً أياً من عناصر تنظيم القاعدة الذين كانوا في استضافتها.
من بين أولئك الذين ذهبوا إلى إيران رئيس اللجنة الأمنية في تنظيم القاعدة سيف العدل ورئيس القسم الفرعي للتدريب أحمد عبد الله أحمد (الملقّب بأبي محمد المصري) وعبد الله أحمد عبد الله (المسؤول المالي لتنظيم القاعدة) وأبو مصعب الزرقاوي (زعيم تنظيم القاعدة في العراق). وشملت المجموعة أيضاً ابني أسامة بن لادن وهما حمزة وسعد بن لادن. ويذكر أن عادل الذي وصفه بعض المحلّلين والخبراء الأمنيين بأنه أب مؤسس، مُدرج في قائمة الإرهابيين المطلوبين من المباحث الفدرالية ووجهت إليه تهمة القيام بتفجيرات سفارة الولايات المتحدة عام 1998 في شرق أفريقيا. ووصفته عناصر القاعدة بأنه الرئيس التنفيذي للتنظيم.
أيمن الظواهري، القائد الثاني في تنظيم القاعدة، استخدم علاقته التي بلغت عقداً من الزمن مع قائد لواء الحرس الثوري الإيراني العميد أحمد وحيدي الذي كان آنذاك قائد فيلق القدس، للتفاوض بشأن توفير ملاذ آمن لبعض قادة القاعدة الذين حوصروا في جبال تورا بورا في أفغانستان عام 2001.
وفي 20 كانون الأول/ ديسمبر 2001، سافر محفوظ بن الوليد الذي عمل جنباً إلى جنب مع أسامة بن لادن لمدّة عشر سنوات قبل عام 2001، ليصبح شخصية محورية في مجلس قيادة تنظيم القاعدة ورئيساً للجنة الشريعة (اللجنة القانونية) إلى إيران بوثيقة مزوّرة، واستقبله من الجانب الإيراني عناصر من حركة أنصار المهدي، وهي خلية من النخبة داخل فيلق القدس. وفاز في نهاية المطاف بلقاء في طهران مع قاسم سليماني.
صرّح مسؤول أمريكي بارز لصحيفة نيويورك تايمز في 21 أيار/ مايو 2003 أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية لديها استخبارات لا يمكن أن تكون خاطئة بأنّ عشرة على الأقل من عناصر تنظيم القاعدة قد قاموا بتوجيه بعض العمليات من إيران.
أشار الأمير السعودي تركي الفيصل، الرئيس السابق للمخابرات والسفير لدى الولايات المتحدة، في مقال نشرته الشرق الأوسط في 12 كانون الثاني/ يناير 2015، إلى أنّه بعد هجوم 11/9 وغزو أفغانستان، سمح النظام الإيراني لمختلف قادة القاعدة بالفرار إلى إيران ووفّر لهم ملاذاً آمناً. وفي 2003، سمح النظام الإيراني لعدد من قادة القاعدة بالتوجّه من إيران إلى العراق حيث شكّلوا تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.


علاقة تنظيم القاعدة في العراق مع إيران

في تقرير مؤلف من 125 صفحة مؤرخ 6 أيلول/ سبتمبر 2004، وصف المكتب الألماني الاتحادي للتحقيقات الجنائية كيف أنشأ الزرقاوي في أوائل عام 2002 مخيمات جديدة ومنازل آمنة في زاهدان وأصفهان وطهران بعلم السلطات الإيرانية. وهكذا أصبحت إيران مركزاً لشبكة الزرقاوي سريعة النمو التي تمتد من شمال القوقاز إلى سوريا وتركيا وأوروبا، بجوازات مزوّرة وأموال وتعليمات جديدة تُوجّه في الاتجاهات كلها.
ووفقاً لمعلومات استخباراتية حصلت عليها شبكة المعارضة الإيرانية، وهي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في 2005، فإنّ الزرقاوي لديه عدد من المنازل الآمنة للغاية في إيران بما فيها منزل في منطقه نياوران في شمال طهران. وهذه المنطقة تتميز بإجراءات أمنية مشدّدة جداً.

كان بحوزة الزرقاوي أيضاً أرقام هواتف متعدّدة بأسماء مفترضة لاستخدامها في مناطق مختلفة من البلاد. قُتل الزرقاوي في 7 حزيران/ يونيو 2006 في غارة جوية شنّتها قوات التحالف. وأدّى عمله إلى إقامة الدولة الإسلامية التي يقودها حالياً إبراهيم عوض إبراهيم البدري المعروف على نطاق واسع باسم أبي بكر البغدادي.


موضوع دفع تعويضات عائلات ضحايا 11 أيلول/ سبتمبر

أفادت وكالة أبناء رويترز: المحاكم في لندن فتحت الطريق للتحقيق ودفع تعويضات لعائلات ضحايا عمليات ١١ أيلول/ سبتمبر الإرهابية حتى يتمكنوا من استخدام ممتلكات الحكومة الإيرانية في إنكلترا. وكتبت رويترز حول هذا الموضوع: وفقا لقرارات محاكم في نيويورك هناك شواهد تدل على الدعم اللوجستي والمالي للنظام الإيراني لهذا الإجراء الإرهابي.

تعود قصة التعويضات إلى عام 2004. في ذلك العام رُفعت عريضة للحصول على التعويض من النظام الإيراني لأول مرة إلى المحكمة الفدرالية في نيويورك، ولكن لم تجرِ متابعة الأمر بسبب إقرار قانون الحصانة السيادية.

بموجب هذا القانون، الذي اعتمد عام 1976، باستثناء حالات استثنائية, لا يمكن ملاحقة الحكومات الأجنبية ومحاكمتها في المحاكم الأمريكية, ولكن عام 2016 قام الكونغرس الأمريكي، بإقرار قانون منح الحق ضد داعمي الإرهاب، الأمر الذي عدل القانون أعلاه وسمح لضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر بمقاضاة الحكومات الأجنبية المتهمة بالتواصل مع هذه الهجمات. ونتيجة لهذه الشكوى حكمت المحكمة الفدرالية على النظام الإيراني بدفع التعويضات.

الآن، تعتزم محكمة في بريطانيا السماح لبعض عائلات ضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر بمصادرة جزء من أصول الحكومة الإيرانية لمصلحتهم، وإذا وافقت المحكمة البريطانية على طلب أسر ضحايا الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر وعريضتهم، فإن أموال إيران وأصولها في المملكة المتحدة سوف تجري مصادرتها.

مبلغ التعويضات التي فُرضت على النظام الإيراني من 7 مليار دولار إلى 11 مليار دولار. يجري حساب مبلغ التعويض هذا على النحو الآتي:

عدد قتلى هجمات 11 أيلول/ سبتمبر هو حوالى 3000 شخص, وعدد جرحى هجمات 11 أيلول/ سبتمبر حوالى 25 ألف شخص, إضافة إلى الناجين والقتلى والجرحى فإن عددًا كبيرًا من الشركات والمؤسسات هم أيضاً من المدعين في هذه القضية.

وفقا لحكم قاضي المحكمة الفدرالية في نيويورك، يجب على النظام الإيراني ما يأتي:

دفع مبلغ 12 مليون و500 ألف دولار لزوجات القتلى, ومبلغ ثمانية ملايين و500 ألف دولار لآباء القتلى وأبنائهم, ودفع أربعة ملايين و 500 ألف دولار لأخوات القتلى وإخوتهم.


الخاتمة

تبين الحقائق المذكورة أعلاه مدى الارتباط الوثيق بين النظام الإيراني والقاعدة ومخلفاتها منذ نشأتها وقبل هجمات 11 أيلول/ سبتمبر وما بعدها وحتى الآن, وهذا جزء بسيط من الأدلة والبراهين التي تظهر تعاون النظام الإيراني مع القاعدة وما خفي أعظم, النظام الإيراني هو الأب الروحي للإرهاب في المنطقة والعالم فهو نظام قائم على قمع الشعب الإيراني في الداخل وتصدير الإرهاب والأصولية والرجعية إلى الخارج.

النظام الإيراني يتغذى على الإرهاب فالإرهاب بالنسبة إليه هو مطلب حياتي ومعيشي للاستمرار في الحياة.

هذه الحقيقة جرى تأكيدها في الأعوام الأخيرة الماضية من قبل البرلمانات القانونية والمسؤولين الدوليين البارزين إذ أطلق على هذا النظام اسم أكبر بنك وداعم وراعي للإرهاب في أقصى نقاط العالم. على الرغم من إدانة هذا النظام دولياً، لكن السياسات والاستراتيجيات المبنية على المصالح الاقتصادية للحكومات الغربية منعت اتخاذ خطوات عملية من أجل اعتقال عملاء الإرهاب الحكومي لنظام الملالي ومسؤوليه ومحاكمتهم ومعاقبتهم.

لذلك يجب محاربة النظام الإيراني في المنطقة وقطع أوصاله وطرد عملائه ومليشياته الإرهابية كلها من المنطقة وبخاصة من سوريا اليمن والعراق. يجب أن تكون هناك حملة شاملة لفضح شركاء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في جميع أنحاء العالم ومعاقبتهم, ويجب فرض عقوبات على قوات الحرس الثوري الإيراني وقادة قوات فيلق القدس الإرهابي وقطع مصادر تمويلهم المتعددة.


مرصد مينا
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button