وصف المدون

اليوم

بلغ عدد اللاجئين السوريين في تونس في 2011 نحو أربعة آلاف حسب إحصائيات للمجتمع المدني، إلا أن العدد تناقص مع الوقت لأن بعض هؤلاء السوريين غادروا إلى أوروبا أو إلى مصر بطرق مختلفة. أما المسجلون في قائمة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فلا يتجاوز 700 لاجئا تقريبا اليوم. ويعاني هؤلاء من الكثير من التعقيدات الإدارية، حيث يواجهون عدة صعاب في إنجاز وثائقهم الخاصة في غياب تمثيلية دبلوماسية لبلادهم في تونس.

معاناة تتفاقم منذ 2012

في 2012 قطعت تونس علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري مما أثر سلبا على وضع الجالية السورية المقيمة قبل هذا التاريخ في تونس واللاجئين الذين فروا من الحرب .

وقد كشفت دراسة أعدتها مؤسسة "سيغما كونساي" لسبر الآراء بالشراكة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة والهلال الأحمر التونسي، في 2015، أن أغلب السوريين دخلوا إلى تونس بطريقة شرعية، غير أن معظمهم يعيشون بطريقة غير قانونية ناجمة عن انتهاء صلاحية شهادات إقاماتهم.

ويبقى الإشكال الأكبر بالنسبة للمقيمين هو ضرورة السفر إلى الجزائر لتجديد وثائقهم الخاصة، وهذا ما يستعصي عليهم في حالة غياب وثائق ثبوتية، تسمح لهم بذلك.

وضعية المقيمين السوريين في تونس؟

مهاجر نيوز اتصلت بسوري مقيم في تونس منذ سنوات وسألته عن وضعه. فأجاب بكل حسرة أن السوري في تونس يعاني من مشاكل إدارية جمة تنغص عليه حياته. ويضيف أن أوراق إقامته والجنسية التونسية لزوجته لم تشفعا له، فهو كغيره من السوريين مضطر إلى تجديد جواز سفره في الجزائر، حيث توجد سفارة سورية كلفتها دمشق بإدارة شؤون الجالية السورية بتونس.

وأضاف أن السوري الذي انتهت مدة إقامته لا يمكن له مغادرة التراب التونسي للذهاب إلى الجزائر، لأنه يعد من وجهة نظر القانون مقيما بطريقة غير شرعية، ويعرض نفسه بالتالي للملاحقة بتهمة اجتياز الحدود، إذ تفرض عليه غرامة قيمتها 30 يورو عن اليوم الواحد بداية من انتهاء تأشيرة الدخول أو انتهاء شهادة الإقامة إن كان يتوفر عليها.

منذر، وهو صاحب مطعم بتونس العاصمة، قال لمهاجر نيوز إن السوريين غير قادرين على استخراج الوثائق المدنية في تونس كتسجيل المواليد الجدد وحالات الوفيات، وهذا دون إغفال تعقد الإجراءات، لأن الوثائق لابد أن تكون مصادقة من خمس جهات بتونس وأخرى بالجزائر.

وأمام كل هذه الصعوبات، يفضل محدثنا أن يرسل جوازه لتجديده مثلا في سوريا، رغم أن التكلفة تصل إلى 400 دولار أي نحو 350 يورو على أن يعيد العملية كل سنتين.

وضعية اللاجئين السوريين في تونس

أما وضع اللاجئين، فهو لا يختلف من حيث التعقيد الإداري. فكل السوريين يجمعون على صعوبة التعامل الإداري مع السلطات المخول لها تقديم أوراق اللجوء.

أما عمار وهو شاب في السادسة والعشرين من العمر، يشتغل في أحد المطاعم السورية بمدينة أريانة في العاصمة التونسية، فيقول "دخلت إلى تونس عبر الجزائر، رحلتي كانت عن طريق البر. لقد استعنت أكثر من مرة بمنظمات من المجتمع المدني وبالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بتونس، وحصلت على بطاقة لجوء أجددها من فترة إلى أخرى. ومنذ 2014 لا أتوقف عن استخراج المستندات والأوراق وعن الحضور لدى المصالح المعنية، لتكون لي إقامة رسمية تضمن لي حقوقي. التعقيدات كثيرة والإجراءات تتطلب وقتا وجهدا وتكلفة، خاصة حين تضطر إلى استخراج بعض الوثائق من سوريا عن طريق بعض أفراد عائلتك هناك.

وأضاف عمار أن كل هذه المتاعب الإدارية رغم قساوتها لم تجعله يفكر يوما ما في الهجرة عبر قوارب الموت إلى أوروبا. ولكنه يحلم أن تكون للاجئ في تونس نفس حقوق اللاجئ في أوروبا، ويدعو المنظمات الدولية إلى تحمل مسؤولياتها ومساعدة من هربوا بحثا عن الأمن والحياة.

وللاستفسار عن الموضوع، أكد مصدر من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تونس، أنها لا تمنح شهادات إقامة بل تمنح شهادة لجوء تثبت أن حامل الوثيقة" لاجئ" ويتمتع بكل حقوق اللاجئين.

أما وزارة الداخلية التونسية، فقالت في بيان، إن التأخير في منح شهادات الإقامة في تونس أو تجديدها للمقيمين من السوريين، يعود بالأساس إلى نقص في الوثائق المقدمة في ظل غياب تمثيلية دبلوماسية في البلاد، تساعدهم على سحبها منها.

من جهته عبر شوقي راجح، وهو مغترب سوري يعيش في تونس عن موقفه قائلا: "لا حل للمعاناة إلا بعودة العلاقات الدبلوماسية، خاصة أن ذلك يحظى بإجماع شعبي وأن الصداقة والترابط بين الشعبين كبيران. ولا ننسى أن الحزب الحاكم وعد بإعادة العلاقات بين البلدين إلى مجراها الطبيعي". وفي الأثناء تظل مأساة السوريين في تونس متواصلة، في انتظار إرادة سياسية تعمل على تغيير هذا الوضع.


مهاجرنيوز
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button